نورس الرّوح

أكتب لكَ بعد العودةِ للسَّكنِ والسُّكون، متربّعةً على عرشِي بأَلَقي وتألّقي، بهمّتي فوق قمّتي: ها أنذا أصعدُ صرحي انتهاءً بكامل إرادتي، كما استرقتُ لحظاتِ النزول عن حَرَمي رغبةً وفضولاً ابتداءً.
لا أنسى ترانيمَ ذرّات الجسدِ ورعشة الرّوحِ حين لامست الأقدامُ الحافيةُ العشب الأخضر النَّضِر العَطِر لأوّل مرّة؛ الرَّكض بسُرْعةِ ساقَيْ لبنى بين الأزهار، الضحكةَ عاليةً بصوتِ هايدي للينابيع والفراشات والأشجار؛ وعَينَيْ يوجين.. اكتنزت في لمعتها كلّ سِحر المعاني وغزَلِ الحكايات والأخبار والأسرار.
لكنّها الثامنةُ مساءً ثانيةً، ولا بدَّ للأميرات من عودةٍ قبل حلول الظّلام؛ أعودُ طواعيةً من الباب الكبير، بعد أن هربتُ تسلُّلاً من نافذتي الصّغيرةِ بمُساعدةِ شِعري وشعوري؛ تُغلّقُ الأبواب بإحكامٍ من الداخل والخارج إلى يومٍ لابدّ أنّه آت.
تقصُّ الساحرةُ شَعري ويكسرُ السجّانُ المفتاح، أسمعُ نداءه وهمسهُ في الثلث الأخير من الليل والنّاس نيام: لم تُخلقي للنزولِ يوماً، ولدتِ في بُرجٍ كي تُحلّقي نحو الآفاق، ألّفي ألف كتاب، واصنعي منها سلّما للسّماء، ألتقيكِ حوريّةً هناك، عند سدرة المنتهى، حيث نعيشُ الشعور سرمداً، كوني بخير، كلّ خير، قلباً كَبُرَ ذات شتاءٍ خمسمائة عامٍ في آذار.

3-3-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *