هَذَيَان

ماذا لو أنّك كنت بالفعل هناك؟
على سطح القمر!
أريد أن أقول أنّي اشتقت إليك كثيراً، ولا أعلم إن كنت تعلم، أريد أن أقول أنّ الشوق شعورٌ غريبٌ جداً لا يبرحنا مهما حاولنا، كيف يكبر حتّى يتجاوز الصدور ويشرق من العيون كأبهى نور.
اشتقت إليك عدد المرّات التي كنت تسألني فيها إن كان الوقت مناسباً للدردشة، عدد الاهتمام، عدد قصّ الحكايات وتعليم الحِكم، عدد التنهيدات والضحكات التي كانت ترفرف كفراشاتٍ قصيرة الأعمار بيننا.
اشتقت إليك عدد ما قلت أنّك اشتقت، وعدد ما عبّرت عن أشياء لم أكن لحظتها أدركها، وعدد ما أبكاني رحيلك على عجل، وعدد ما اشتقت للقائنا في الجنّة.
من كان يدري، بأنّنا معاً كنّا نرسم حياةً كاملةً هناك، من ذا يصدّق أنّنا تجاوزنا حدود الزمان والمكان ورمينا عرض الحائط بفلسفة الفيزياء والكيمياء.
اشتقت إليك، عدد ما قلت: رحمه الله، عدد ما دعوتُ ربّ الأكوان: جعل الله له نوراً، عدد ما تخيّلت لحظة اللقاء في الجنّة، وعدد ما تخيّلت الجنّة ذاتها، وعدد ما كفّت العينان عن حبّ أحدٍ مثلك، واكتفت الأشواق عن الشوق لترجمان روحٍ بعدك.
اشتقت إليك، حجم خوفي من المستقبل وتعبي من اليوم وندمي على أشياء مضت مع مسك روحٍ مضى.
ماذا لو أنّك عدت يوماً؟
هل كنت سأغلق دونك تلك النّافذة؟
هل كنت سأبتعد؟
هل كنت سأقتلع قلبي من صدري وأضع العقل مكانه؟
لا أدري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *