لام

كان ممّا يُميّز يوم الجمعة أنّ والدي يرتدي فيه ثوباً أبيضاً خُصّص لصلاتها والعيدين، للعمل هندامٌ مختلفٌ تماماً، أذكر حرصه على جمعنا لتلاوة سورة الكهف كلٌّ منّا يتلو وجهاً تُصحح أثناء تلاوته أخطاؤنا وتُشرح بعض معاني الكلمات ونُسأل عما يُستفاد من الآيات، لا يُستثنى من ذلك صغيرٌ ولا كبير ولا عذر لمن لا يلتزم، اتصلت العادة ما استطعنا في الحضر والسّفر، أذكر عودته من الصلاةِ وكأنّه العيد يطرق باب منزلنا محمّلاً ببعض أكياس الخضارِ من المزارعين الذين يبيعون ما تيسّر لهم أمام الجامع فور انتهاء الصلاة والرّزق على الله؛ جعل الله له نوراً ومن جاوره وأكرمه كما أكرمنا.
في الأعوام الأخيرة، ارتبط هذا اليوم بالخواطر الطيبة تظهر على منصّات التواصل الاجتماعي، رغم كلّ الحوادث الأليمة والأخبار الصعبة التي يمرّ بها العالم خلال الأسبوع إلا أننا بلطفٍ لا اراديٍّ تجمعنا رقائقُ نتداولها هاهُنا كلّ جمعةٍ ما بين تفسير آيةٍ وبين شرح حديث، مما يجعل لهذا اليوم نكهةً خاصةً نشتاقُ أن نرتاح إليها كلّ ستّة أيّام.
اتصلت جمعتي اليوم بسورة الضحى بدلاً من سورة الكهف، لا أعرف لماذا أعدت تلاوتها عدة مراتٍ بشغف من يتعلّم سورةً جديدة، يحدث ذلك كثيراً أن تستشعر الآيات وكأنك تتلوها لأوّل مرة.
سورةٌ فيها لطفٌ من الرحمن عظيم، أتلو آياتها الأربعة الأولى وأتأمّل الخامسة كثيراً، وأكررها، ربما فعلت ذلك أربع أو خمس مرّات، أصل لقول الرحيم: “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى” وأتأمّل اللام.
ما بين لامِ الابتداء والقَسَمِ وحرفِ الاستقبال سوف في قوله: “وَلَسَوْفَ” وَبين فاء العطف في قوله: “فَتَرْضَى” وعدٌ ربانيٌ بعطاءٍ تُكتب معه قصّة حياتك، لا خوف ولا حزَنَ على قلبٍ اطمأنّ لوعد القيّوم فعلامَ القلق؟
يقسم ربّ السماوات السبع أن يعطينا حتّى الرضا ليس أن يعطينا فحسب ولكنّنا قومٌ يستعجلون؛ الحمد لله على تلك اللّام، والحمد لله أنّ ربّنا الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *