أبهى حُب

في كلّ يومٍ ترى صورةً بهيّةً له، مع كلّ امتحانٍ تكتشف وجهاً جديداً من وجوهه، هل نعرف معنى الحب الحقيقيّ أم أنّنا لم نتعرّف عليه بعد؟
تراهُ حين تدعو بالعفاف والغنى لغريبٍ لا تعرف عنه أكثر من أنّه ابن بلدك، وهذا يكفي.
تراهُ في البذل عسى أن يميل المال بحال من تحبّ إلى سعة.
تراهُ في طفلٍ مشاغبٍ أضاع والدته في السّوق ففاضت عيناه من الدّمع حين رآها، طوّقها بذراعيه وكأنّه شكّ للحظاتٍ أنهما لن يلتقيا ثانية، لا يدرك أنّها كانت قد جنّدت رجال الأمن وكاميرات المراقبة للبحث عنه قبل أن يدرك أنّه يبحث عنها.
تراهُ في عدسةٍ تلتقط بديع خلق الله وكأنّها مع كلّ صورة تذكّرك بضعفك وقلّة حيلتك: “هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ”.
وتراهُ في جدٍّ يتّكئ على العصا باليد اليمنى ويحمل هديّة النّجاح لحفيدته باليد اليسرى، ويترنّمُ بفخرٍ: هذه حفيدتي، حفيدتي أنا.
تراهُ في الزوج يبتسم رغم المرار وفي الزوجة تُحسن كلّ قرار.
تراهُ في الجار الكريم الذي يصرّ على اكرامك وأنت العالم بحاله والسعيد بجواره.
تراه في الصّديق يدعو لك في الأسحار رغم أنّكما لم تلتقيا منذ عشرين عام.
تراهُ في العلاقات الطيبة، وفي الحياة كلّ الحياة.
وتراه..
في عزّة أرملة شّهيدٍ بعمر الزهور غارت من حسنها نسوة المدينة، آثرت أن تنتظر، وربّت فأحسنت التّربية.
لمثلها يرفعُ الحبّ القبّعة معترفاً أنّ أجمله الذي بدأ في الأرض ليكتمل في السّماء.
أن تشتاق لقاءً في الجنّة، أيّ حبٍ كذلك؟
إليها وقد صار الصّغار كباراً وأصبح للشهيد أحفادُ أحفادٍ وكأنّ الموعد قد اقترب.
كم كانت وما زلت جميلةً في عين كلّ من دعا لذريتها.
حبٌ لطيفٌ عميق؛ أيّ جَلَدٍ ذلك الذي تحلّت به لإتمام المسيرة بعد رحيلِ رفيق العمر وشريك الحياة؟
كم ربط الله على قلبها ويسّر لها وآتاها الثبات أثناء التربية والتصبّر عليها وعليهم؟
ليس من السهل أن نُكمل من بعد الفقد أيّاً كان، لكنّ القويّ يمنحنا قوّة، نحمده أنّه معنا، أنّه المانع الذي يمنعنا ويمنع عنّا، والحافظ الذي يحفظنا ويحفظ لنا، والحيّ القيّوم الذي إليه نرجعُ والذي يسمع ويرى؛ اللهم جنّتك التي وعدت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *