كم تمنّيتُ

كم تمنّيت أن أرى مناظرة نبينا موسى مع فرعون والسحرة.وأن أرى مناظرة إبراهيم عليه السلام مع النمرود. ونظرة النّاس حين طلع عليهم من النار ولا ضرر عليه.

لطالما تمنّيت رؤية نبيّينا سليمان وداود وملكهما وهما يحكمان النّاس.وأن أرى نظرة نبيّنا نوح حينما بدأت المياه تغمر الأرض.

ولكم تمنّيت وتمنّيت وتمنّيت رؤية بدرنا ونور عيوننا محمداً صلى الله عليه وسلّم.أن أرى ملامحه حين سأل: من على الباب؟ فقيل له: عمر بن الخطاب أتى ليسلم.

رؤية شكل ولون ونقشة وملمس الغطاء الذي تزمّل وتدثّر به. ذلك اللّحاف أحبّ لو أنّي أحصل عليه ولو في أحلامي، أحبّه كثيراً، يا لحظّ بطّانيةٍ ضمّت رسول الله.

وددت لو أنّي رأيت لمعة عينيه حينما استند إلى باب بيته ورأى أبا بكرٍ إماماً والمسجد النبويّ ممتلئٌ بالمسلمين. ومشاهدته لحظة أن أمال رأسه إلى عائشة رضي الله عنها قائلا لها: أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟

مشهد حمله للحسن والحسين بين ذراعيه لأوّل مرّة. ولمحةً واحدةً له ولفاطمة الزهراء رضوان الله عليها ما طلعت شمسٌ وما أشرق صباح، عدد ما أقبلت عليه وقبّلها من جبينها، وعدد ما قال لها: أهلاً بشبيهتي.

وددت لو أنّي تأمّلت نور وجهه وهدوء ملامحه حين طمأن أبا بكرٍ قائلا: لا تحزن إنّ الله معنا. ولو أنّي شهدت معهم سماع أوّل أذانٍ في الإسلام وإقامة أوّل صلاة.

كم آلمني وجع المشهد، وحبيبنا يضمّ ابنه على قلبه قائلا: اليوم أسمّيك باسم أبي، اليوم أسمّيك إبراهيم.

كم غبطت عيون الصحابة شبعت تأملاً للوجه السمح الوضّاء ليخبرونا بعدها أنّهم عدّوا في لحيته سبع عشر شيبةً، عدّوها كلّها، يا لهنائهم ويا لجمال ما رَأَو.

كم تمنّيت مشاركته الفرحة بنصر غزوة بدر وببهجة فتح مكة. رفقته، سماع ضحكته، الانصات إلى تلاوته ودعائه، رؤيته يدعو للمسلمين رافعاً يديه متأمّلاً السماء.

وكم أدعو الله أن نكون من أحبابه الذين بكى حين اشتاق لرؤيتهم لأنهم يؤمنون به دون أن يرونه.

صلّى الله عليه وسلّم. عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون.

نحنّ إليه ونشتاق ونتمنّى وندعو خالص الدعاء أن نكون جيرانه في الجنّة.

فكرتين عن“كم تمنّيتُ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *