للنصوص خفاياها وللكلمات دلالاتها

صباح الخير؟ كيف حالك؟ هل أنت بخير؟
لديّ عشر دقائق لمئات الكلمات.. قل لي بربّك كيف سأحسن التوزيع؟
سأكتفي بذكر الأهمّ فالمهم..
مازلت أقرأ وأقرأ.. وأتأمّل حجم الألم المخبوء بين الحروف، أدقّق في الاملاء.. بين السطور.. وفي الأسلوب.. وعلامات الترقيم حتّى.. أراجع سجلّ التعديلات.. أريد أن أتأكّد من حَدْثٍ ما في العمر مرّ لم يفارقك ولا يفارقني الشعور به كلّ قراءة.
لماذا.. لماذا تحمل همّاً ثقيلاً مثل ذلك دون أن ترميه في وجه الحياة وتمضي؟ ممّ تخاف؟ لماذا لا تستطيع أن تصل؟ ما الذي يجعلك محبطاً إلى هذا الحدّ؟
وددت لو أنّي بجوارك، أعرّج على ديارك، لو أنّي أقتحم عليك وحدتك ذات صباح.. أوقظك من ضياعك.. أخبز كعكة فانيلا جديدة.. أرتّب ما تبعثر من فوضى نفسك ما استطعت.. ثمّ أمضي.. قبل أن يختمر الشّاي.
مثل هذا.. تفعل الأمهات.. كلّ الأمهات..
حين نحبّ الصّغار نتوق إلى أن نحتضنهم، أو أن يحتضنونا، وليس كلاهما سيان كما تعلم، وأخوف ما أخافه عليك أن تكون في عُمْرٍ مثل هذا العمر ولم تعلم بعد! لم تجرّب سلام أن تحضن أحداً أو يحتضنك أحدٌ حضناً شافياً بحبٍ سخيٍّ نقيٍّ بهيٍّ هنيء.
في حضن المحبّ حياة، وفيه عودةٌ لكلّ ما رحلنا عنه دون أن يرحل عنّا، وددتُ أن أمنحك عطر الحياة كما نفعلُ مع أبنائنا الطائشين، مضطرةٌ عذراً لاستبدال الحضن بصفعة.. ليس واحدة فحسب، بل ثنتين وثلاثة.. قد يلزم الأمر.. أربعة! من يدري..
أريد لك أن تقوم من مقامك الضعيف هذا، أن تدرك من أنت كما أدرك، أن تركض إلى قدرك ليركض إليك، أن تقدّر نعمة الركض، أن تبصّر نعمك التي أغمضت عينيك عنها بخوفك.. بخجلك وقلقك وترددك وجهلك، أن تستحقّ حضناً ينتظرك بشوقٍ مع صاحبة صفعاتٍ من نوعٍ آخر تماماً تعدّ الدقائق ليوم لقاءك في مكانٍ ما من هذا العالم الفسيح.
يخيّل لنا أحياناً أنّنا الأتعس، ونظنّ عبثاً أنّ أحداً في الكون لم يجاهد ما جاهدناه ولم يتكبد ما تكبّدناه من عناءٍ ومشقّة.. ولم يذق شبيه مرارة الظلم التي ذقنا والصبر الذي تجرّعنا والقهر والغبن الذي ألمّ بنا..
صدقاً.. ما زلت أرغب بضربك ضربةً أخيرة، أريدها أمام مرآة، أريد أن تتأمّل ملامحك معي ولو مرّة، هل تظنّ أن تلكما العينين خلقتا لتعيشا بمثل هذه التعاسة! لطفاً.. لا تظنّ!
ليتني أعيرك عينيّ لحظة! وليتك تراك كما أراك.. يا ليت..
ليتك تدرك من أنت، وما المطلوب منك، وأيّ سرورٍ يترقب بشوقٍ تلكما العينين التي أحب.
ليت وليت.. ولطالما قالت جدّتي وجدّتك أنّ يا ليت لا تعمّر بيت..
أدرك أنّك تركت النهر وراءك.. وأعي مرارة ألا عودة لما تركناه رغماً عنّا ما حيينا..
لكنّ القادم أجمل.. أجمل بكثير لو تعلم.. يا قمري الأبهى.. يا حظّي الأجمل.. فكن بخير.. كلّ خير.. يا كلّ الخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *