أحمد

إلى طفلي الحبيب، في أجمل يوم من ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً في العام.
يُحكى أن “ماما” تعبت وهي تعلمنا أن أهم ساعتين في اليوم: الساعة الأولى والساعة الأخيرة، بعد وقبل النوم، وأننا نحتاج فيها هدوءً يليق بمنامٍ يتمنى أن يشبه المنام.
عندما كنت بعمرك كتب لي جدك رسالة، أحتفظ بها في صندوق الرسائل جانب السرير، يبدو أنني كنت أفعل معه كما تفعل معي، وتلك الأيام نداولها بين الناس.

تستيقظ الشمس على استحياء، فيستيقظ بصخبٍ “أحمد”، بسرعةٍ ضوئية، ويبدأُ يومٌ رهيبٌ جديد.
بأسئلة عصفٍ ذهنيٍّ تدور بسرعة عجلة سيارةٍ سريعةٍ لا تأبه بمخالفة ولا تخاف من غرامة.
سنسأل يعني سنسأل..
ولدي حبيبي ذو الأسئلة الترليون، يسألني منذ أسبوع.
ماما: ألا تتذكرين يوماً مهماً؟
حاولي؟
أداري ابتسامتي هامسةً: لا، لا أذكر.
لكنّ كل ذرة في جسدي وروحي وعمري تذكر، اليوم الذي انفصلت فيه أجسدانا بعد احتضان تسعة أشهر، والتاريخ الذي اتصلت فيه أرواحنا لأبد الآبدين.
اليوم الذي كانت ثوانيه تحكي “قل بفضل الله وبرحمته ” فبذلك فليفرحوا”.
اليوم الذي تأملت فيه رحمة الرحمن وهو يهدينا البنين زينةً للحياة الدنيا.
المال زينة، والبنون زينة، والواو بينهما معنى وحكاية.
البعض كان له الأول، والبعض كانت له الثانية.
وبعضنا غمرته نعم الرحمن وحيّزت له كلتاهما.

عمراً سعيداً بما يرضي الله يا ماما، يومٌ بلا حفلة، فلا أجمل من صباح بدأ مع ماما بدبكة؛ بلا كعكة، فلا أطيب اليوم من طبخة كبسة، بلا هدية، فلا أحكم وأعقل من سحب كل الأجهزة الالكترونية منك منذ اسبوع والحرب مستمرة.
أسأل الله لك الحياة الطيبة وأراك عظيماً يا ماما.

قُبلة صباح..
على خد صاحب العناقات المليون.
<<هل يا ترى، يوماً تصير، إبني الكبير>>؟
الله كريم، الله كريم.
اللهم إني أستودعك ابني، دينه وأمانته وخواتيم أعماله، اللهم إني اسألك له رزقاً لا يعدّ ومجداً لا يهدّ.
سلام عظيم لأميري الصغير.
سلام من ماما التي يسمع صوتها الجيران، وهي توثق لي لحظات للذكرى في هذا العالم الأزرق الجميل.
سلام يا ماما، سلام يا حب.
ماما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *