وفاة

لستُ أدري،
ان كُنتُ كبرتُ يوماً بعد الثالثة والثلاثين،
تعطّل كثيرٌ من النّمو عندي سنةَ وفاة أبي.

يموتُ والدك،
فتموتُ معه أشياءٌ وأشياء،
تتخبطُ بعضاً من عُمركَ حتى تُلملم شتاتَ شخصك،
وتُداري عُريّ نفسك.
وحتى تُعاود القيام بعزمٍ وعزّةٍ وحكمةٍ ترُضيكَ وتُرضيه.

بدَت تلكَ الوفاة،
كنفخةٍ في الصُّور.
نقطةَ تحوّل،
أقعدتني في غارِ الثلاثين زمناً ليس باليسير.

بحثتُ خلالها عن أشباه أبي الأربعين،
أحدهم، كان يُشبهه كثيراً،
إلى الحدّ الذي أذهل عقلي،
قويٌ حكيمٌ، وعصبيّ جداً، دافئٌ وحنون.
يخيّلُ لي أن نورهُ مستمرٌ أيضاً الى يومِ القيامة.
ذلك الأربعون،
أرعبني كما كان يفعل أبي،
من خلفِ صورةٍ بالأبيض والأسودِ وبعضٍ من رماديّ مَهيبٍ يسألني: كم عمرك؟
كتبتُ: ثمانية وثلاثون،
كم تمنيتُ لحظتها أن أُرفقها مناديةً: يا أبي.
أصبحت ثمانية وثلاثين!
ذلك الشبيهُ أيقظني،
كما كان يفعلُ أبي، ومن مثلُ أبي؟
ذلك الشبيه،
هدم فوق رأسي الغار،
أخرجني منه أخيراً،
ساعدني على شقّ الشرنقة،
على كسرِ قشرة البيضة،
على مواجهة الضياء والنور،
نورنا الخارجُ منّا رغماً عنّا بفضلٍ من الرحمن،
ممتنةٌ لهُ،
وسأنتظر لقاءه في الجنّة،
مع تسعةٍ وثلاثين،
وأبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *