رسالة إلى الأميرة

إلى خير القدر الذي لا بد أن نؤمن به ليكتمل الإيمان، إلى مفاجأة الحياة القادمة، وجمال العمر الآتي، إلى جميلة في حياتي لا أعرفها بعد.
إلى زوجة إبني العزيزة، أرسل هذه الكلمات من عام 2021

كيف حالكِ يا صغيرة؟
لا أعرف لماذا أجدني اليوم بحاجةٍ ماسّة لأن أكتب لك، لن يفهم هذا الحرف غيرك، أقصد غيرنا نحن الثلاثة. أنا وأنت وهو.

استعدي يا صغيرتي، أنا أعدّ الأيام عداً!
“حلال زلال” عليكِ هذا الزوج اللطيف بأسئلته الكثيرة، ومزحاته الأكثر.

زوجك يا حبيبتي مازال يبلغ من العمر إحدى عشر عاماً وإحدى عشر يوماً، مثل كل الصبيان ربيناه: كل شبر بندر.

يحب كتابة الرسائل كثيراً، إياك أن لا تردي عليها ، إن حدث وجربت سينهال عليك بدل الرسالة بعشرة، وستحرجك القلوب والبسمات،
لا ينفع معه أبداً أن تزحلقيه بصورة، مثل أمه يحبّ الحروف، يحبّ الشرح، يحبّ السرد، يحبّ الحياة، بل يضجّ بالحياة.

يمسك قلمه مبكراً جداً، ولا أستغرب، نحكي لك حكاية وراثة مَلَكَة الكتابة عبر الأجيال يوماً مّا.

حاولي أن تسددي وتقاربي لكي لا تجدي نفسك لاحقاً سطراً في رواية، لا تقولي لم ينبهني أحد، قد أعذر من أنذر.
معلمته في التمهيدي أبدت استغرابها من سرعة حله مسائل الرياضيات، وأستاذه بالابتدائية أيضاً، من يتقنون لعبة الأرقام يجب أن نعاملهم بهدوءٍ وحذر، كل تصرّفٍ محسوب، والعدادات تعمل بصمت.

زوجك يزعجني هذه الأيام يا حلوتي، يرسل الرسائل متتالية: ماما ما رأيك بما كتبت؟ يغير نمط الكتابة فجأةً، يريد أن يكتب بلغة ثانية،
ببراءةٍ يبحث عن معاني الكلمات بين لغتين لينثر نصاً، ثمّ يلصقه على صورة، يخشى أن تتم سرقته الأدبية على حين غفلة! أحبّ طموحه.

تطور الوضع اليوم، ليرسل لي فيديو.

ماما: هذا مونتاجي، ما رأيك؟ كم أتمنى أن تري ملامحي المشدوهة.
خلال دقيقتين: ماما كم التقييم؟
دقيقتان أيضا: ماما لماذا لم تردي؟

ماذا أقول؟
أنا في عمري هذا أسأل أمي نفس السؤال يا أحمد.
إسألها، هي أفضل وأسرع وأقرب.

قلتُ ذلك له فقال لها ولمعت عينا الإثنين حماسةً معاً.

ياحبيبتي أنا لك في حنين، أحب تلك المقاعد الفارغة حول مائدتنا، المحجوزة مُسبقاً لكم. والمرتقبة بشوقٍ وجودكم.

أريد أن أهدأ يا صغيرة، أن أسكن، فمتى تأخذين زوجك؟
أنا متأكدة أننا لن نختلف بإذن الله، لا طريقة طبخ تشتِّتُنا، ولا مقعدٌ أماميٌّ بالسيّارة يفرّقنا، اطبخي له ماشئت، قلبي معك، ولن أشرح.
ربّي أولادكم كيف أحببتِ فأنا واثقةٌ أنه سيختار من تكون كفؤاً لهذه المهمة.

لا أريد شيئاً أكثر من أنّي أريدك على خيرٍ أنت، أميرةً تستحق أميري ويستحقها، تكمل معه الدرب بكل الحب، جميلةً مثله،
تضج الحياة بها مثله.

كوني بخير، نلتقي، بعد خمسة عشر عام. وربّما أكثر، رضي الله عنك وعن والديك.
لك مني إلى يوم اللقاء كل الدعاء أن تكوني بخير ونجاح وعافية ومن تحبين.

خالة شفاء
بل ماما الثانية شفاء

فكرتين عن“رسالة إلى الأميرة”

  1. أحب هذه الرسالة وأعدت قرائتها بذات الابتسامة كما أفعل مع العديد من إبداعاتك 😊
    محظوظة هذه الأميرة بحماتها.. تتهنوا ببعض جميعا يا رب ❤️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *