سقف

إنه السقفُ ثانيةً، يطرح عليه الأرق السؤال التاسع والتسعين بعد التسعمائة ليلةً أُخرى.

أين كان وعيكِ وأكواب الشاي بظرفين تتوالى خلال النهار؟

الناس لديهم في دمهم كريات دمٍ بيضٌ وحمرٌ، وأنت حبيبات شايٍ خضراء وحمراء.

بماذا تفكرين حين تضعين ظرفين من النوعين في نفس الكوب؟ والله حتى أنا لا أعلم.

أحب هذه اللحظات التي يستمع فيها السقف لأسئلتي، لقد صبر عليها سنيناً متمالكاً نفسه دون أن يخرّ علي مُنهياً مهزلة بعضها، أحبّ صمته في مواجهة ضجيجي.

أسأله اليوم:
كم مرةً في العمر شعرت بأن هناك حلقةً مفقودة؟ أنت المتفلسف دوماً، حلاّلُ المشاكل أبداً، فكّاك العُقد هذه المرّة يتعقّد.

شئٌ ما في عقلكَ يشبه كرة صوفٍ تشابكت فجأةً فأغضبت الجدّة.
تجد نفسك محشوراً في زاوية ربما بإرادتك ولا تفهم أبعادها تماماً، لا يسعفك ذكاؤك هذه المرّة ككلّ مرّة.

في الحقيقة لم تكن ذكياً يوماً، لا تقل أنك لا تعرف.

تلوّح بكفكَ أمام وجهك عدة مرات لتهشّ أفكاراً لا منطقية.
كيف صرتُ هنا؟ صدقاً لا أعرف.
لماذا أنا هنا؟ وحده الله يعرف.

يرحمُ الله ضعف قوتك، وقلة حيلتك، ويطبقُ الأخشبين على همومك وآلامك، ثمُّ يُخرجُ لك من صلب المعاناة برحمته ما يرتدُّ به إليك قلبك.
فاطمئن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *