رسائل

يملكُ قدرةً عجيبةً بألّا ينصت إلى ما تطلبه منه مهما ارتجته، تنهمرُ أسئلته تباعًا إذا سمع ابتداء حفلة نقر الأصابع على لوحة المفاتيح تلك.
سقف الغرفة ممتلئٌ بأسئلةٍ بلا أجوبة، تومضُ كيفما اتفق كلّما أُطفِئتِ الأنوار لا يلحظها أحدٌ في تلك العتمة سواها.
هل يُعقل أنّ رسائلنا لا ترغب الوصول إلى أصحابها؟ أم أنها تضلّ الطريق؟ هل يتوقّف عن الكتابة من وصل إلى الرسالة السابعة؟ هل كانت السابعة حقًا؟ هل أسقطت شهرزاد عمْدًا رقمًا كان يتّكئ على السبعةِ كي لا تعتمد السبعةُ يومًا ما عليه إلى الأبد؟ ما معنى الأبد؟ والأهم من ذلك كلّه.. هل جربت مرةً شعور المُتّكئ؟ ” عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ “*.. بعض الاتكاء جنة أليْسَ كذلك؟
أويُعقلُ أن تُختصر كلمات سبعٍ وأربعين رسالةً برسالةٍ واحدةٍ فحسب؟ كم رسالةً تكتب في اليوم الواحد دون أن توضع في صندوق البريد خاصتها؟ هل لكلّ نوعٍ من الرسائل صندوق بريد خاصّ به أيضًا؟ لحظةً من فضلك.. هل كتبتُ للتوّ أنّ للرسائل أنواع؟ كم رسالةً كُتبت بعد السابعة التي لم تكن السابعة؟ أيّ حاجةٍ تلك التي في نفس يعقوب* تقضّ المضاجع لم تُقضَ بعد؟ هل تدرك لماذا أسرّها يوسف* في نفسه ولم يُبدها لهم؟ لماذا لا تنام أسئلتنا الصعبة قبلنا بقليلٍ كي نستطيع أن نغفو بسلام؟
على سطح المكتب في الحاسوب تحتفظ بمجلّد نصوصٍ لم تكتمل بسبب شغب الأسئلة الفوضويّة، ملفٌّ يكتظّ بالمشاعر غير المحكيّة لم يؤذن له ولا لها برؤية النور، ملفٌّ سريٌّ مخفيٌّ يبدو وكأنّه مقبرةٌ لنصوصٍ أنثويّةٍ وُئِدت قبل الميلاد بسنواتٍ ضوئيّة.. وكأننا نسابق في ظلم أنفسنا وظلمات حيرتنا أحيانًا عصر الجاهليّة الأولى.

* سورة يس.
*عليهما أفضل السلام وأتم التسليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *