سُكُون

لا أذكرُ متى كبرْتُ، ولا أتذكّرُ متى كَبِرَتْ..
كيف بَلَغَتْ أشدّها وتربّعت على عرشها قبل أن أفعل!
هل سنفترقُ يوماً؟
متى.. ولمَ؟
وكيف؟
متى خفق قلبها بالحبّ أوّل مرّة؟
متى شعرت برغبة الاستقلال الملحّة؟
ثمّ متى.. بدأت تحلم بالحرّية خارج قضبان قفص القلب للتحليق بعيداً نحو الطموح والأحلام والمستقبل، والحياة الجديدة.

الذي أذكُرُه.. أنّ روحي نبضت بلطفٍ ليس كمثله لطف يوم وضعْتُها.
والذي أتذكّره.. أنّ قلبي خفق خفقة العمر يوم سُجِّلَ اسمها الذي أحبّ وتحبّ ونحبّ على شهادة الميلاد.
والذي أعرفه.. أنّي نسيت معنى الاستقلال مذ أرحتُ خدّي إلى خدّها القطنيّ أوّل ليلة.
ستكبرُ أكثر، ستدركُ يوماً مّا أنّ الحبّ حرّيّة، وأنّها وُلِدَتْ حرّة، وأنّنا قومٌ إمّا أن نُنجبَ أحراراً أو لا نُنجب.
الحبّ طموحٌ يصنعُ المستقبل، الحبّ لا يقيّد الأحلام بل يقدُّ قميصها من قُبُلٍ ويقودها إلينا؛ ولا يوجدُ حياةٌ جديدةٌ وقديمة.

حين نرحل..
سيحكي لهم ماءُ الزّهر وصابون الغار الحكاية، سيخبرهم أنّنا لم نحبسهم يوماً في قلوبنا كما ظنّوا، بل نحنُ مَن حُبسنا بهم وبحبّهم وقلبهم وقربهم يوم سمعنا نُطقَ شِفاه الكرز الأوّل يُدندن لحن العمر السحريّ وينادي كلمة: ماما وكلمة: بابا.
مَحِلُّ الحبّ حيث يحبِسُنا إليه لا حيث نحبِسُه إلينا، ذلك حبسٌ لا يُهرَبُ منه بل يُسكنُ إليه وما أسكنه من سَكَن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *