عِطْر

أطوّقها بذراعيّ كلّ ألم، أعتذر عدد الأنفاس، أخطئ وتسامح، أكرّر الخطأ فتكرّر منح الفرص ولا تقول أنّها الأخيرة، وأستغرب.. هل تبكي الأمهات؟ متى؟
هل كانت دموعهنّ تُشمّ فلا تُرى!
في كلّ مرة ينتشي فيها بيتنا بعبق الرياحين أعرف أنّ أمي بكت اليوم..
لا أعرف متى اتفقت أمهات المجرّة على ألا نرى دمعاتهنّ، ولا أعرف متى اتفقن على البسمة الأخّاذة لا تفارق صفحات وجوههن حتى وإن بدت في بعض الأحيان الشّفاه مرتجفة، ولا أتذكر متى اتفقنا أن صدورهنّ تسعنا أبداً مهما ضاق العالم علينا بما رحب.
كلما بكت أمٌّ في العالم تفتّقت عريشة ياسمين تواسينا وتواسيها، تقيس الأم عناقاً بعد عناقٍ طول ذراعَيْ صغيرها ولم يُعرف لذراعيها طولٌ بعد.
لطالما تمنّيت أن أفهم.. لماذا لم أملك الشجاعة ولو لمرة واحدة أن أضمّ رأسها المتعب إلى صدري؟ لماذا كنت أُخبّئ رأسي في صدرها كلّما خيّل لي بأنّنا سنختنق بعطر الياسمين بدلاً من أن أحاول ضمّه إليّ.
هل كانت ذراعاي قصيرة؟
هل يخنقنا الياسمين أحياناً أم نحن من يخنقه غالباً؟
ماذا الذي يدور في رأس الأمهات؟
ولماذا.. ترحلن قبل أن نعرف الأجوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *