مائةُ وردة

كلّ صباحٍ أعزّي نفسي قائلةً: اقتربنا من اللقاء أكثر،
في الصلاةٍ أذكرك بالدعاء،
أقولُ بإيمانٍ تامٍ: بالتأكيد يصله،
وتقول لي الملائكة دون أن أسمعها: ولكِ بمثل،
فأقول لها وأظنّها تسمعني: أقرئيه السلام، كلّ السلام.

كم وددت أن ترافقني هذا الفرح،
كانت الصّالةُ واسعةً جدّاً،
انارتها خلّابة،
درجٌ عالٍ طويل، منصّةٌ كبيرة، والجوُّ بارد؛
ورائحة الشموع العطريّة أخّاذة.

كنتَ جالساً في الصّف الأوّل،
حاملاً دفتراً ووردة، واحدةً فقط.
طلبتُ أن يخصّصوا لي كرسيّا بقربك،
كم تمنّيتُ أن نلتقط صورةً للذكرى معاً،
أن تقول لي: مرّت السنون كلمح البصر،
وأن تقول للمرّة المائة أنّك تؤمن أنّي أستطيع.

وددتُ أن ترافقني، وتراني، اخترت لون الفستان، وحلمت بسرورنا اللطيف يومها؛ أحببت فرح النّاس لي، ورحّبتُ بفرحك لي أكثر، مُلهمي ومُعلّمي.

نتخرّج في الحياة مرّاتٍ عديدة، ندرس عدّة دراسات، نشارك سعدنا أحبّة قلوبنا؛ بين بسمات الفرح تنير حفلات الإنجاز، تتفرّد بسحرٍ فتّانٍ بسمته، يقف ويصفّق لك، يقول بحماسة: «اللّي بعده»، لأنّه يعرف أنّك لن تتوقّف، فأنت لم تخلق للوقوف لحظة، لا أنت ولا هو ولا كلُّ ذي حلمٍ نبيل.

سأذكركَ طويلاً، وأدعو لك سنيناً، سأسافر، قد أهاجر، سيحضرُ كُثُرٌ رسالة التّخرّج تلك، سألتقط صورةً مع كرسيٍّ فارغٍ ليس بفارغ! كان لا بدّ أن يكون لك، ربّما أحببتَ أن تقيم لي حفلةً أجمل في الجنّة، مع باقةٍ فيها مائة وردةٍ ووردة تُهديها لمن كانت أطروحة تخرّجها عنك، فلذلك رَحَلْت.

.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *