سِرْ

لها عينان يا الله منها
جمالٌ ليس توصفه شروح
=حسن عبدالرحيم حسن

ربّما قصد بها الكاتب افتراضيّةً في مخيّلته ولربّما كانت أنثىً بعينها تجلس إلى الأريكة جواره، الشعر صميم الأدب، لأنّ المعنى في قلب الشاعر على الدّوام، للقارئ والسامع حرّية اسقاط كلماته على من يحبّون اهدائها لهم، وليست لهم في تفسير مشاعره الشخصية، أهدانا الكلمة لنترك له جوهر سرّها.

لم تخطر على بالي لحظة قراءة البيت إلا جميلةٌ واحدة في الكون، يتبادر إلى ذهن القارئ أنّي أقصد إحدى الإيمانتين*، لكني لم أعنِ كلتاهما هذه المرّة، يأتي الإهداء اليوم لجميلة الجميلات، جوجو الصّغيرة، أوّل من نادتني: “عمّة”، وأجمل من دعت لي :”الله يرزقك”، وصفت شيئاً من حسن خلقها كلمات الشاعر: جمالٌ ليس توصفه شروح.

جود: العقل الرّزين والسؤال اللّماح والإنسانية جمعاء مجتمعةً في سبع سنواتٍ من البهجة، سبعةٌ وهي حسناء القصر الوحيدة بلا منافس، لا أنثى تقول “عمّة” في العائلة غيرها، اذا أتى صوت الاناث على استحياء من بين الذكور فلا بد لنا أن نستمع إليه ونسمعه.

تكبر جميلتنا، تصل عمر التّكليف هذا الرمضان، تخطف قلبي همّتها في الصلوات، وتحمّلها قرصة الجوع.
تستيقظ مبكّرةً لتقول للشمس أنا السطوع وأنت شعاع ٌ من ضوئي لا أكثر، تبشرني: “عمّة” لقد صمت اليوم صياماً كاملاً، أمازحها: هل تصدّقين، لقد صمت يومي كاملاً أنا أيضاً.

نكبر معها وبها يوماً بعد يوم، نراها اليوم كلّ يوم، ولا ندري بعدها بأيّ أرضٍ نموت، ولا عند أيّ لحظةٍ نحن على موعد مع مفترقٍ من مفترقات العمر نودّع فيها نعمة رؤية من نحبّهم يومياً.

أريد أن أخبرك سراً يا جوجو، سراً لن تعرفيه إلى أن تكبري، تهمسه العمّة في أذنك وتكتبه إلى يومٍ لا بدّ أنكّ تقرئيه فيه:
حين قال الشاعر يوماً: ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل، كان يقصدك بالتأكيد، كان يريد أن يكتب: الحفيد الأوّل، صدّقيني، أنا لن أحبّ حفيدةً بعدك مثلك يا جود، لنرحّب بها إذاً ولنترك سرّنا الورديّ فيما بيننا إلى الأبد، اتفقنا يا عيون العمّة؟

*****
هامش:
الإيمانتين: اشارة إلى اسمي والدة وابنة الكاتبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *