توأم الروح

لا أعرف كيف خطرت على بال أحدهم لفظة: “توأم الروح” لأول مرة.

الأسبوع الماضي شعرت أن الطفلة سميّة، هي توأم روحي في زمان ما في مكان ما.
هيَ أنا بكل التفاصيل الدقيقة التي تسردها عنها والدتها في نصوصها، أراني وأرى طفولتي فيها، هكذا نشعر أن أحدهم توأم روحنا، ليس شرطا أنراه بعينينا مباشرة، ربّما نرى روحه بين كلمات نص، جعلها الله نورا وقرة عين لوالديها ورزقني لقاءا بها وحضنا جميلا لها.

اليوم، أقرأ نصاً تكتبه جدّة سمية.
وأشعر أن الطفلة هي توأم روح ابني أحمد أيضا بشكلٍ مّا، توأمان كلّ واحد منهما في بقعة من الأرض لم يلتقيا يوماً ولن، لكنّ أرواحهما تلتقي حتماً في زمان ما، في مكان ما.
نفس الأسئلة، نفس الحوارات، نفس الطريقة في الجدل والنقاش المستميت.

أسئلة أحمد المربكة لا تُطرح إلا لحظة إعلان انتهاء اليوم وإطفاء الأنوار والزحف نحو الأسرّة سؤلاً لنومٍ عميق.
ينسف كل السكون الذي يستبق التصاق الأجفان أخيرا، بسؤال عبقريّ وجوديّ مذهلٍ مدهش كلّ ليلة.

يملك القدرة على فك شيفرة الحياة، وطرح الهدوء مرمياً على الأرض، يضرب بأسئلته عرض العقل والقلب والحائط، في الساعة الأخيرة قبل نومي، طمعاً مشاغباً منه لكي نسهر مع عشر أسئلةٍ لا بدّ لها من أجوبةٍ في الظّلام.

نختم يومنا بالقبلة والعناق الأخير، الذي لا أعرف صدقاً، بناء على ماذا يقرر أن يلقبه بأنه الأخير.

منذ المغرب أبدأ باستقبال تطويق الذراعين للخصر من الولد للوالدة على أنّ هذا العناق ضمن سلسلة: أعدك أني سأنام على الموعد الليلة.

العناقات التي يعدّها عليّ ولا أستطيع، أحيانا أملُّ العدّ ولا يملّ!
لديه قدرة عجيبة في أن يربكني ويشعرني لحظة كل عناق بأنه الأول لذا يجب أن يطول، وبأنه الأخير لذا يجب أن يطول أكثر.

يسألني في العتمة ليلة البارحة: “ماما، نموت وأعيننا مغلقة أم مفتوحة؟”

أجيب في قلبي: حضرت روح سميّة الطفلة.

تمنيت لو أنّ أحداً يُكرمني بتحمّل عبء الإجابة عني.

أجيبه: مفتوحةً لآخر لحظة، ويغمضها لنا الغمضة الأخيرة أكثر شخص كنا نحبه في الحياة، ثمّ نلتقي بعدها برحمة الرحمن، في الجنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *